الجمعة، 14 يونيو 2013

أحمد أمين "سيرة ذاتية"







يعتبر كتاب«حياتي» للمفكر الدكتور« أحمد أمين» رحمه الله من أمتع كتب السيرة الذاتية التي صدرت خلال النصف الثاني للقرن العشرين ذلك أن المرحوم أحمد أمين بما فطر عليه من حس علمي وتفكير موضوعي دقيق استطاع أن يعرض ويؤرخ لا لمسيرته العلمية والفكرية فحسب وإنما كان عرضاً حراً ينشال بالحياة ويزخر بالمشاهد والصور قديماً وحديثاً فكان صورة ناطقة لتاريخ جيل وحقبة مهمة من حقب النهضة العربية الحديثة في أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، وقد عرض فيه لمختلف مراحل حياته وسيرته الفكرية والعلمية مبتدئاً بالبيئة التي ولد فيها ومنتقلاً لدراسته وتعليمه والمناصب الوظيفية والرسمية التي تقلدها وزواجه وأسرته وأحزانه والدراسات الفكرية والعلمية التي حققها ونشرها عابراً أثناء ذلك أجواء التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمع المصري مسجلاً خلاله لملاحظاته العميقة والهادفة على مختلف مناحي الحياة وجوانبها، ثم مرحلة الإحالة على المعاش والمرض وما انتهى إليه من فلسفة في الحياة والأحياء، كل ذلك بأسلوب علمي مبسط مشرق خال من الحشو والتعقيد.
ولادته:-
ولد أحمد أمين في الأول من شهر أكتوبر لعام 1886م، أي بعد الاحتلال البيرطاني لمصر بأربع سنوات وهي فترة مضظربة أشد الاضطراب في التاريخ المصري الحديث واستمر أثرها طويلاً في الأحداث التالية لهذا الاحتلال.
والده:-
والده هو الشيخ إبراهيم الطباخ وفيما بعد فقد ضاعت نسبته إلى الطباخ واشتهر باسمه الأول وهو أحمد أمين فقط وهو في الأصل من بلدة سخراط من أعمال البحرية وينتمي لأسرة من الفلاحين المصريين إلا أن مظالم السخرة وظلم تحصيل الضرائب أخرجه هو وأخوه الأكبر من بلدتهما تاركين أطيانها حلاً مباحاً لمن يستولي عليها ويدفع ضرائبها، وقد سكن الأخوان في بيت صغير في حارة متواضعة في حي المنشية بقسم الخليفة في القاهرة وهو أكثر أحياء القاهرة عدداً وأقلها مالاً وأسوأها حالاً، وسرعان ماصار الأخ الأكبر صانعاً كسوباً ووجه أخاه الأصغر أبو أحمد أمين إلى التعليم في الأزهر حيث تقدم في دراسته الأزهرية وعمل مصححاً بالمطبعة الأميرية ببولاق أحياناً ومدرساً في مدرسة حكومية وإمام مسجد، وكان يحب نسخ وجمع الكتب المختلفة من تفسير وفقه وحديث وكتب اللغة والأدب والتاريخ مما كان له أثر كبير في بذور الثقافة الأولى التي تلقاها أحمد أمين وتركت في نفسه أثراً مفعماً وعميقاً.
بيته وحارته:-
كان بيت أحمد أمين هو أول مدرسة تعلم فيها دروس الحياة وكان طابع البيت البساطة والنظافة، وكان البيت محكوماً بالسلطة الأبوية المطلقة وكان اهتمام الأب بتعليم أبنائه فائقاً تشم رائحة الدين في البيت ساطعة زكية، ويربي الأب أبناءه تربية دينية ملتزمة منتظمة فيوقظهم لصلاة الفجر ويراقبهم في أوقات الصلوات الأخرى ويسائلهم متى صلوا وأين صلوا ويصوم رمضان ويزكي ويحج البيت الحرام، وعن هذه المرحلة يتحدث أمين بقوله: «وبعد فما أكثر ما فعل الزمان لقد عشت حتى رأيت سلطة الآباء تنهار وتحل محلها سلطة الأمهات والأبناء والبنات واصبح البيت برلماناً صغيراً ولكنه برلمان غير منظم ولا عادل فلا تؤخذ فيه الأصوات ولا يتحكم فيه الأغلبية ولكن يتبادل فيه الاستبداد فأحياناً تستبد فيه الأم وأحياناً البنت أو الابن قلما يستبد الأب وكانت ميزانية البيت في يد صراف واحد فصارت في أيدي صرافين وتلاعبت بها الأيدي وكثرت مطالب الحياة وتفرعت ولم تجد واحداً يعدل بينها ويوازن بين قيمتها فتصادمت وتخاصمت وكانت ضحيتها سعادة البيت وهدوؤه وطمأنينته.
وكانت الحارة التي نشأ فيها هي مدرسته الثانية وينتقل بنا الأستاذ أحمد أمين إلى عرض نابض بالحياة للحارة التي قضى طفولته ومراهقته فيها حيث كانت الحارة تمثل الحياة القاهرية المصرية في صميم واقعها قبل أن تغزوها المدنية المعاصرة حيث تمثل في تركيبتها السكانية الواقع الطبقي للمجتمع المصري آنذاك، وما يصاحب هذا الواقع من أخلاق وسلوكيات وأنماط معيشية واقتصادية وترفيهية.في الكُتاب: يذهب أحمد أمين في طفولته المبكرة إلى الكُتاب لتعلم القراءة والكتابة ويحفظ القرآن، ولا يخفى على القارئ المرارة في حديث الأستاذ عن هذه الكتاتيب حيث كانت تقوم في أماكن كئيبة ومظلمة وتمارس في التعليم أساليب عقيمة من ضرب وتعليق وزجر ونهر تميت الروح والجسد وتؤدي في النهاية إلى كره الطفل للعلم والتعليم وتنفيره منه بل الخروج من الكُتاب إلى غير رجعة ثم ينتهي من ذلك كله إلى مقارنة بين تعليم الأطفال في سن طفولته والتعليم الحديث في رياض الأطفال حالياً والفرق الشاسع والبون العظيم بين العمليتين والتربويتين على أنه يخشى أن يكون هناك إفراط في الخشونة في أيامه وإفراط في التنعيم على أيام أبنائه.
في المدرسة والأزهر:-
خرج أحمد أمين من الكتاتيب الكريهة كما دعاها ذات الأساليب العقيمة إلى المدرسة الابتدائية حيث دخل مدرسة «أم عباس» أو كما تدعى رسمياً« والدة عباس باشا الأول» وكانت مدرسته نموذجية بنيت على أحدث طراز وأجمله، حيث ارتدى أحمد أمين بدلة حديثة بدلاً من الجلبات وطربوشاً عن الطاقية وأحس علو القدر ورفعة منزلته عمن كان يختلط بهم من تلاميذ الكتاب وأبناء الحارة، وكان التعليم في المدرسة يتم وفقاً لأحدث الأساليب التربوية آنذاك حيث تعلم فيها الجغرافيا والتاريخ والحساب واللغة الفرنسية، على أنه صرف عن التركيز على دروسه المدرسية بما أعده له أبوه من برنامج غريب ومتناقض محتواه العلوم التقليدية من نحو وصرف وبلاغة... الخ، مبعثه حيرة الوالد في مستقبل ابنه هل يوجهه إلى التعليم الديني في الأزهر أم التعليم المدني من ابتدائي إلى الثانوي ثم إلى الجامعة وهو برنامج مرهق صعب التحمل لتناقضه وإرهاقه النفس والبدن وعدم القدرة على الجمع بينها، وعلى كل حال يمضي أحمد أمين أربع سنوات حافلة في هذه المدرسة ثم يستخير الوالد الله سبحانه ويخرجه من المدرسة إلى الأزهر.وهاهو ذا أحمد أمين في الرابعة عشر من عمره يلبس القباء والجبة والعمة والمركوب بدل البدلة والطربوش والجزمة ويكون منظراً غريباً على من كان يراه سابقاً بملابسه الحديثه مما سبب له ضيقاً وخجلاً وإحراجاً ويحس بالعمامة تقيده وتمنعه من المرح واللعب والجري وبأنه شاخ قبل الأوان والطفل إذا تشايخ كالشيخ إذا تصابى كلا المنظرين ثقيل بغيض كمن يضحك في مأتم أو يبكي في عرس.
ويصل إلى الأزهر استعداداً للدرس وطلب العلم حيث يرى حلقات الطلاب مستديرة أمام كل شيخ والشيخ يقرأ ويفسر ويقرر والطلاب منصتون أو يجادلون الشيخ فيما لا يفهمون، ويخرج إلى صحن الأهر فيراه سماوياً غير مسقوف ومبلطاً غير مفروش والخبز منشور على الملاءات ليجف، ويعقد أحمد أمين مقارنة حزينة في ذات نفسه بين مدرسته القديمة والأزهر الجديد عليه، ثم يصف نظام التعليم بالأزهر آنذاك وكان نظاماً حراً لا يعني بالطالب فيه وشأنه فإذا لم يرزق بمرشد يرشده غرق في هذا البحر الذي لا ساحل له إذ لا حضور ولا غياب ولا امتحانات ولا يسأل أحد الطالب ماذا صنع وكان توقيت الدروس بمواقيت الصلوات.وفي الأزهر يتعرف على شخصية المصلح الشيخ محمد عبده رحمه الله ويتأثر بآرائه الإصلاحية ولو أنه حضر دروسه لمدة قصيرة.
في طنطا والإسكندرية:-
لم يمكث احمد أمين في الأزهر سوى سنوات معدودة أحس بعدها بظلام المستقبل وطول الطريق بغير جدوى، وهاهو يحاول أن يعثر على وظيفة مدرس بطنطا فيتقدم إليها ويسافر إلى طنطا باكياً شاكياً من فراق بيته وأهله ويتعثر الفتى في طنطا وتظطرب أموره وتفكيره فيستقيل ويعود إلى القاهرة بعد شهر ويسجل احمد أمين عجبه من مقارنة حاله وابنائه في سنه تلك حيث يسافرون ويعودون فرحين مغتبطين غير عابئين بشيء فيعجب لسرعة تطور الجيل في الزمن القصير.وبعد سنتين من سفره إلى طنطا يعثر على وظيفة مدرس في الإسكندرية بمدرسة«راتب باشا» وقد كانت هذه الخطوة نقطة تحول في حياته إذ التقى في الإسكندرية بمعلمه الثاني بعد أبيه الشيخ عبدالحكيم بن محمد وكان شيخاً مدرساً فاضلاً ذا بصر وخبرة بالدين والدنيا وأهلها ومن ثم استفاد من شيخه فوائد جمة وأخرجته صحبته له من عادات وأفكار كثيرة، وتعلم الدنيا التي ليست في الكتب وبالجملة فقد كانت فائدته من أستاذه كبيرة في مستقبل حياته.
في مدرسة القضاء الشرعي:-
في عام 1907م تقرر افتتاح مدرسة القضاء الشرعي بعد اقتراح ذلك من قبل المصلح الشيخ محمد عبده رحمه الله لتخريج قضاة شرعيين مؤهلين تأهيلاً علمياً حقيقياً وصالحين للغاية من إعدادهم وتقدم أحمد أمين إلى المدرسة وتم قبوله بعد لأي لقصر نظره، ويدرس العلوم الإسلامية والفقهية والبلاغة والأدب والتاريخ إلى جانب العلوم الحديثة كالجغرافيا والعلوم والحساب والهندسة ويقضي فيها أربع سنوات في القسم العالي وينجح بتفوق بعد امتحان عسير لا رحمة فيه ويعين معيداً في مدرسة القضاء بعد تخرجه فيها بعد أن عين قاضياً في الواحات لمدة قصيرة حلاً لمشكلته المزمنة مع قصر النظر، ولعل أهم ما استفاد في مدرسة القضاء هو تعرفه وتأثره بشخصية مشهورة من شخصيات عصره هو عاطف بك بركات ناظر مدرسة القضاء، فقد وجد فيه الأبوة الروحية الحقيقية نظراً لما اشتهربه عاطف بك من حزم وبصيرة ورؤية نافذة هذا مع التزام الحق والعدل حتى في أمس الظروف وأحلكها، خاصة أن أحمد أمين قد عين معيداً في مادة الأخلاق التي كان يدرسها عاطف بك وبذلك توثقت العلاقة أكثر بين الأستاذ وتلميذه وخلال هذه المرحلة أحس بحاجته الشديدة إلى تعلم لغة أجنبية تكون معيناً له على استكمال ثقافته وانفتاحه الحضاري وبناء شخصيته العلمية ولينظر إلى الدنيا بعينين لا بعين واحدة.
يتعلم اللغة الإنجليزية:-
ابتدأ أحمد أمين تعلم الإنجليزية وهو شاب في السابعة والعشرين بعد أن جرب حظه في تعلم الفرنسية فأخفق، وابتدأ بالكتب الدراسية في مدرسة برلتز ثم انتهى به المطاف إلى سيدة إنجليزية في الخامسة والخمسين من عمرها تدعى «مس بور» قضى معها بضع سنوات ووجهت إليه كامل عنايتها من الناحية التعليمية ومن الناحية التربوية حيث عنيت بتدريب ذوقه وإحساسه بالجمال والطبيعة من حوله وكانت تردد عليه دائماً« تذكر انك شاب» إلا أن هذه السيدة الفاضلة قد أصيبت بمرض عقلي رحلت على أثره إلى بلادها وانقطعت علاقته بها منذ ذلك الحين وقد وفق بعد ذلك في معرفة سيدة إنجليزية شابة وزوجها فكان يعلمها العربية وتعلمه الإنجليزية وتغذي أحاسيسه برقتها وصفائها وطهارتها، واجتاز هذه المرحلة فصار وكما قال بعد أن كان ينظر بعين صار ينظر بعينين، واستفاد من ذلك بسعة الأفق والسياحة الحضارية في الثقافة العالمية وانعكس ذلك وكان أثر ذلك واضحاً جلياً في أسلوبه المباشر المشرق البسيط.
المدارس الفكرية وبدايات النشر:-
ثم يستطرد الأستاذ أحمد أمين في تجاربه الحياتية حيث يجمعه القدر ببعض الخريجين من جامعات فرنسا وجامعات بريطانيا حيث يستفيد من تجاربهم وخبراتهم ويشاركهم في أحاديثهم وأفكارهم فتكون مائدة من طعوم مختلفة ويتم الاتفاق بينهم على تأليف لجان متعددة تعنى بشؤون مصر المختلفة تبحث أوضاعها فلجنة للناحية السياسية ولجنة للنواحي التعليمية وهكذا... وعصفت الأحداث بهذه اللجان الواحدة تلو الأخرى ولم يثبت منها سوى لجنة التأليف والترجمة والنشر والتي كانت مناراً مضيئاً في سماء الثقافة والعلم لا في مصر وحدها بل الشرق العربي كله.
زواجه وأسرته:-
ثم يتحدث بعد ذلك عن الزواج وتجربته الحياتية والوجدانية مع هذا الحدث الهام في حياة كل إنسان واصفاً كيف كان الزواج في بيئته وطبقته في ذلك الزمان وما لقيه من العنت والمشقة حتى وفق أخيراً إلى الزوجة التي ارتضاها ورضته وكيف وقفت عمته وزيه الديني عائقاً في سبيل زواجه نظراً لقصور نظر الكثرين وتركيزهم على المظهر دون المخبر.وحياته الزوجية بصورتها الإجمالية اليومية ورأيه في كثرة النسل وقلته وما يؤدي إليه ذلك من رقي الأمم وتأخرها وكيف تغلب رأي الزوجة ومعارفها على رأيه من ناحية كثرة الأولاد، وكذلك بعض المشاكل الأسرية كمشاكل الخدم وما لقي منها وكيفية التعامل مع السيدات وأن العقل والمنطق الخاص هو آخر ما يتم التفاهم به معهن وذلك لغلبة العاطفة والشعور والإحساس على تكوين المرأة.ويقوم بتربية أولاده ويعني بالولد الأول لظنه بأنه سوف يكون قدوة لبقية أخوته وكيف كان قاسياً في تربيته لأولاده الأولين ثم كيف تغيرت معاملته لهم بالزمن وأنه لم يجد فرقاً يذكر بين أولهم وآخرهم.
أحمد أمين والحركة الوطنية:-
شارك أحمد أمين كمعظم أبناء جيله في الأحداث السياسية التي عصفت بمصر بعد الحرب العالمية الأولى إبان مراحل الكفاح الوطني ضد الاحتلال الإنجليزية كما شارك بفعالية وحماسة في هذه الحركة الوطنية وعن طريقها تعرف إلى معظم القياديين الوطنيين إبان تلك المرحلة من تاريخ مصر. كسعد باشا زغلول وعاطف بك بركات وغيرهم ولا تمر تلك المرحلة من حياته بسلام فها هو ينقل من مدرسة القضاء بعد أن كان أستاذاً بها إلى القضاء قاضياً شرعياً بمحكمة قويسنا الشرعية ومع ذلك فلم يستمرئ القضاء ولم يسعد به فكل ماكان يمر به ويراه أرحام تقطع وأسر قد خرجت وقد استفاد من عمله في القضاء الدراسة الاجتماعية ومشاكلها، وكان لا يعول في أحكامه القضائية على مرافعات المحامين وتزويقهم وإنما يعمد إلى حل المشاكل الأسرية من أطرافها مباشرة ومن ثم معالجتها بالنصح والتوفيق والصلح أو بالفراق إذا لم يكن جدوى من الصلح.ثم يعلق على منصب القضاء الشرعي بما يحلو له من ملاحظات واستنتاجات عقلية واجتماعية استوعبها عقله الذكي الحساس أثناء فترة عمله قاضياً لأربع سنوات متتالية.
أحمد أمين والحياة الأكاديمية:-
توفي والد الأديب أحمد أمين وهو قاضٍ شرعي ومن بعده أستاذه الروحي عاطف بك بركات وبنفوذ صديقه «طه حسين» عميد الأدب العربي يعين الأستاذ أحمد أمين أستاذاً بكلية الآداب بالجامعة المصرية ويدخل بذلك إلى العالم الأكاديمي وهو عالم غريب عليه كل الغرابة إذ بدأ حياته العلمية أزهرياً ومن ثم أتم دراسته في دار القضاء وعمل في التدريس فيها قاضياً وهاهو ذا يحتل مكانه كأستاذ في كلية الآداب بين أساتذتها المصريين والإنجليز والفرنسيين والبلجيك وينتظم في سلكهم ويلاحظ اضطراب الجو الدراسي وكون النسيج الجامعي مهلهلاً في كلية الآداب وهو يستفيد من تجاربه الأكاديمية من حيث الكيف والكلم ويلاحظ أجواء الصراع في الكلية وتداخل السياسة والعلم.
ثم تحدث أعجوبة في حياته على حد تعبيره إذ يعين عميداً لكلية الآداب ويغرق حتى لجة رأسه في الأعمال الإدارية الروتينية فحتى شراء مكنسة يعرض عليه ويظل عميداً للكلية لمدة سنتين ثم يحدث مايسبب استقالته من العمادة فيستقيل ويعود إلى عمله العلمي بين الكتب والبحث العلمي.وإذ ذاك تسفر له الحياة عن وجه قبيح من وجوهها المتعددة من إنكار للجميل والطعن في الظهر والتنكر لرابطة الأستاذية التي يراها رحمه الله من منظوره الخاص أقوى الروابط وأجلها بين الناس، وكان ذلك درساً من دروس الحياة لا ينسى.
وأثناء عمله بكلية الآداب يقوم برحلات متعددة إلى العراق والشام ويمر بتلك الديار وهي في طور النهضة العربية الحديثة والانعتاق من ربقة المستعمر البغيض ويسجل انطباعاً ومشاهداته عن تلك الأقطار ولا ينسى أن يسجل آلامه لتخلف بلاد العرب وعدم استغلالها لثرواتها قدراتها نحو النهضة وما تعانيه من أدواء وأمراض في الاقتصاد والأخلاق والمجتمع والساسة ويسجل ما يراه من اقتراحات علمية وواقعية لتطوير بلاد العرب والنهوض بها نحو الرقي والأخذ بأسباب الحضارة.
ويزور أوربا بعد ذلك ضمن وفد مصر إلى مؤتمر فلسطين باقتراح من صديقه الأستاذ العلامة أحمد لطفي باشا السيد وزير الخارجية المصرية آنذاك، ويسافر ويركب الطائرة لاول مرة في حياته فيصف انطباعه ومشاعره آنذاك ويصل إلى لندن وتبدأ المفاوضات ويتقدم فيجد نفسه على المائدة أمام مستر بيقن وزير خارجية بريطانيا ومعه وزير المستعمرات البريطاني وتنتهي المفاوضات من دون نتيجة تذكر، وتكون فرصة للأديب والعالم أحمد أمين ليزور بريطانيا ويتعرف على جوانب الحياة فيها والنواحي السلبية والإيجابية لهذه البلاد ولا ينسى أن يسجل إعجابه بالتنظيم الدقيق لحياة الإنجليز والروح الديمقراطية التي يتميز بها هذا الشعب الحضاري، وتلك الحياة الهادئة المنظمة المريحة التي يحيونها ولا يفوته أن يسجل تعجبه واشمئزازه من هذا التباين الصارخ بين حياة الإنجليز في بلادهم وسياستهم في المستعمرات.

منقول/ 

الجمعة، 7 يونيو 2013

تاريخ مصر




تاريخ مصر هو أطول تاريخ مستمر لدولة في العالم لما يزيد عن 3000 عام قبل الميلاد. حيث تميزت مصر بوجود نهر النيل الذي يشق أرضها والذي اعتبر عامل مساعد لقيام حضارة عريقة بها، كما تقع مصر بموقع جغرافي متميز يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا ويرتبط بقارة أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط. كل هذا أدى إلى قيام حضارة عرفت بأنها أقدم حضارة في التاريخ الإنساني والذي أسس مصر وأتي من نسله المصريين هو مصرايم.


العصر الفرعوني:-



1- عصر الدولة القديمة : تطورت الحضارة المصرية وتبلورت مبادئ "حكومة مركزية" حوالي العام 3200 ق.م. حيث قام الملك مينا بتوحيد مملكتي الشمال والجنوب المصريتين. وشهد عصر هذه الدولة نهضة شاملة في شتى نواحي الحياة، حيـث توصـل المصريـون إلى الكتابة الهيروغليفية أي النقش المقدس، وتأسست ممفيس كأول عاصمة للبلاد واهتم الملوك بتأمين حدود البلاد ونشطت حركة التجارة بين مصر والسودان· واستقبلت مصر عصرا مزدهرا في تاريخها عرف باسم عصر بناة الأهرامات، وشهد هذا العصر بناء أول هرم في مصر والعالم وهو هرم زوسر المدرج المعروف بهرم سقارة والذي يعد أول بنيان حجري في العالم وأقيم العام 2861 ق.م· ومع تطور الفن والزراعة والصناعة استخدم المصريون أول أسطول نهري بري لنقل منتجاتهم· وبلغت الملاحة البحرية شأنا عظيما وأصبحت حرفة منظمة كغيرها من الحرف الراسخة التي اشتهرت بها مصر القديمة، وفي هذا العصر حكمت الأسر من الأسرة الثالثة إلي الأسرة السادسة. الفراعنة مارسوا لعب الكرة قبل 3000 سنة قبل الميلاد وكانت تحصل عندهم مسابقات يتوج الفريق الفائز فيها في قيراطان من الذهب.
2-عصر الدولة الوسطي: يسبق الدولة الوسطى (2040 - 1640 ق.م.) العصر المتوسط الأول والذي حكمت فيه الأسرات بدأ من السابعة وحتى العاشرة والذي انتهى بتقسيم البلاد، ليأتي عصر الدولة الوسطى بدأ من الفرعون منتوحتب الثاني في 2065 والذي كان أميرا لطيبة وأعاد توحيد البلاد وفرض النظام، واهتم ملوك الدولة الوسطى بالمشروعات الأكثر نفعا للشعب فازدهرت الزراعة وتطورت المصنوعات اليدوية، وأنتج الفنانون المصريون والمهندسون تراثا إلى رائعا انتشر في الأقصر والفيوم وعين شمس· كذلك ازدهر الفن والأدب في هذا العصر، ومن ملوك هذا العصر أمنمحات الأول، أمنمحات الثالث وتلى هذه الدولة العصر المتوسط الثاني والذي حكمت فيه الأسرات من 13 إلي 17 والذي ضعفت فيه الدولة الوسطى فأدي ذلك لإغارة قبائل تسكن منطقة شرق المتوسط عرفوا باسم الهكسوس لمصر وغزوهم مناطق في شمال وووسط البلاد.
3-عصر الدولة الحديثة: (1580 - 1150ق·م) بعد أن تم للملك أحمس الأول القضاء على الهكسوس وطردهم خارج حدود دولة مصر الشرقية عاد الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد· وبدأت مصر عهداً جديداً هو عهد الدولة الحديثة، وأدركت مصر أهمية القوة العسكرية لحماية البلاد، فتم إنشاء جيش قوى لتكوين إمبراطورية عظيمة امتدت من نهر الفرات شرقا إلى الشلال الرابع على نهر النيل جنوبا· لتصبح مصر بذلك أول قوة عظمى في تاريخ البشرية ، وصارت بذلك إمبراطورية عظيمة مترامية الأطراف وأقدم إمبراطورية في التاريخ· لقد حاز ملوك وملكات الأسرة الثامنة عشرة شهرة عالمية في ميادين السياسة والحرب والثقافة والحضارة والدين· أحمس بطل التحرير، أمنحوتب الأولالعادل الذي أصدر قانونا بمنع السخرة وبوضع المعايير العادلة للأجور والحوافز ·· تحتمس الأول المحارب الذي وسع الحدود المصرية شمالا وجنوبا ونشر التعليم وتوسع في فتح المناجـم وصناعـة التعديـن ·· تحتمس الثاني المتأنقوتحتمس الثالث الإمبراطور صاحب العبقرية العسكرية الفذة وأول فاتح عظيم في تاريخ العالم ·· وتحتمس الرابعالدبلوماسي الذي كان أول من اهتم بتدوين وتسجيل المعاهدات الدولية·· وامنحوتب الثالث أغنى ملك في العالم القديم والذي فتح المدارس "بيوت الحياة" لنشر التعليم والفنون التشكيلية والتطبيقية ··

بهو الأعمدة بمعبد الكرنك
وإخناتون أول من نادى بتوحيد الالهة الفرعونية ورمز لها بقرص الشمس ·· وتوت عنخ آمون الذي حاز شهرة في العالم المعاصر· ومن أشـهـر ملـكات هذه الأسرة عـلى سبـيـل المـثـال المـلـكـة إياح حتب زوجة المــلك "سقنن رع"، والملكة " أحمس-نفرتاري " زوجة أحمس الأول، والملكة تِيْ بنت الشعب وزوجة أمنحوتب الثالث وأم إخناتون، والملكة نفرتيتي زوجة إخناتون والملكة العظيمة حتشبسوت التي حكمت مصر قرابة عشرين عاما· وبلغت مصر في عهدها أعلى قمة في الحضارة والعمارة والتجارة الدولية حيث أرسلت البعثة البحرية التجارية والعلمية إلى بلاد "بونت" كذلك شيدت واحدا من أعظم الآثار المعمارية وأكثرها روعة وفخامة وهو معبد "الدير البحري" على الشاطئ الغربي للنيل في مواجهة الأقصر وهو معبد فريد في تصميمه وليس له مثيل بين معابد العالم القديم كلها ومعبد الكرنك الذي يعد أكبر معبد في العالم القديم · وشهد هذا العصر أيضا "ثورة إخناتون الدينية" حيث دعا إلى عبادة إله واحد ورمز له بقرص الشمس وأنشأ عاصمة جديدة للبلاد وأسماها "أخيتاتون"· والملك رمسيس الثانى الذي هزم الحيثيين وعقد مع ملكهم أول معاهدة سلام في التاريخ وبنى حوالي 6 معابد من أشهرها معبد أبو سمبل، ورمسيس الثالث الذي صد هجمات الليبين وشعوب البحر المتوسط.
العصر اليوناني:-
نجح الإسكندر المقدوني في هزيمة الفرس في آسيا الصغرى وواصل فتوحاته حتى الهند حيث استعان هناك بفريق بحري وطواقم استكشافية مصرية ، وقبلها نجح في طرد الفرس من مصر الذين لم يقاوموا  العام 333 ق·م. وقد توج الإسكندر نفسه ملكا على منهج الفراعنة ووضع أساس مدينة الإسكندرية ثم حج إلى معبد آمون في واحة سيوة والذي كان يتمتع بشهرة عالمية واسعة في ذلك الوقت ·
حكم البطالمة وهم السلالة التي انحدرت من بطليموس أحد قادة الإسكندر المقربين مصر منذ 333 حتى 30 ق·م، حيث تولى حكم مصر 15 ملكا بطلميا، وقد ظلت دولة البطالمة قوية في عهد ملوكها الأوائل ثم حل بها الضعف نتيجة لضعف ملوكها· واستغل الرومان الموقف وتأثر استقلال مصر حيث سعت روما لبسط نفوذها على مصر وقضت على البطالمة سنه 30 ق·م أيام حكم الملكة كليوباترا السابعة التي كانت آخر ملوك مصر البطلمية وانتهى استقلال مصر وانضمت إلى الامبراطورية الرومانية.
معبد فيلة الكبير
مظاهر الحضارة المصرية في عهد البطالمة:
بنى البطالمة في الإسكندرية القصور والحدائق وأصبحت الإسكندرية مركزا للحضارة حيث ذاعت شهرتها في مجال الفن والعلم والصناعة والتجارة كما أنها كانت الميناء الأول في البحر المتوسط بفضل منارتها الشهيرة التي اعتبرها الإغريق إحدى عجائب الدنيا السبع·
وقد قامت بالإسكندرية حضارة إغريقية مصرية عظيمة تمثلت في:
  • جامعة الإسكندرية (القديمة) التي أنشأها البطالمة ويرجع الفضل إلى علماء جامعة الإسكندرية في التوصل إلى حقائق علمية عن دوران الأرض حول الشمس وتقدير محيط الكرة الأرضية، واشتهرت الجامعة بدراسة الطب خاصة التشريح والجراحة ومن أشهر العلماء في جامعة الإسكندرية إقليدسعالم الهندسة، و"بطليموس" الجغرافى ومانيتون المؤرخ المصري·
  • مكتبة الإسكندرية وأثرها الثقافى : أنشأ البطالمة في الإسكندرية مكتبة ضخمة كانت تعد أعظم مكتبة في العالم احتوت على أكثر من نصف مليون لفافة بردى، وقد أمر البطالمة أن يهدي كل زائر من العلماء مدينة الإسكندرية نسخة من مؤلفاته وبذلك وصل عدد الكتب بالمكتبة أكثر من 700 ألف كتاب·
العصر الروماني:-
دخل الرومان مصر العام 30 ق·م وأصبحت إحدى ولاياتها بل صارت مصر من أهم ولايات الامبراطورية الرومانية نظرا لأهميتها الاقتصادية، فمصر عرفت وقتها بأنها سلة غذاء الدولة الرومانية، وصارت الأسكندرية ثاني أهم مدن الإمبراطورية بعد روما واستمرت جامعة الأسكندرية (القديمة) بالعمل.
كما اشتهرت صناعة الزجاج والورق والكتان إضافة للعطور وأدوات الزينة في مصر.
العصر القبطي:-
دخلت المسيحية مصر في منتصف القرن الأول الميلادي وذلك بدخول القديس مرقس إلى الأسكندرية وتأسيس أول كنيسة في مصر وأفريقيا بأسرها. وقد عاني المسيحيون من اضطهاد الرومان لهم خصوصا في فترة الإمبراطور دقلديانوس الذي اتخذ القبط من عام توليه عرش الامبراطورية بداية للتقويم السنوي لدي المسيحيين الأقباط.
أخد العالم نواحي مختلفة من الأدب القبطي أهمها اقوال الاباء ثم خطب القديسين في كفاح الوثنيه لتثبيت الميسحية ثم السحر ثم الادب الدنيوي أو الشعبي. فأما أقوال الأباء فهي الأقوال الكنسية التي دعمت الرهبنة وبينت ناحيتيها النفسية والعملية وقد وفد علي مصر من الشرق والغرب من دونوا هذه الأقوال وأثبتوها بلغاتهم اليونانية واللاتينية والسريانية وفتحت لهم هذه التعاليم المسيحية المحضه الطريق الي الرهبنة فساروا علي هديتها وانسجوا علي منوالها. فالرهبان القبط في عصورهم الأولي عرفوا بالتقوى والتواضع فكانوا يعملون ويعلمون وجاءت اقوالهم بلغات مختلفة في كتاب بستان الرهبان وكتب الأباء الحاذقون في العبادة وكذلك في سيرهم ،ظهر في مصر من القديسين الأقباط من لم يعرف العالم أقوى منهم شكيمه في تثبيت المسيحية والكفاح ضد الوثنية.
العصر الإسلامي:-
مسجد الفسطاط 
دخل الإسلام مصر في عهد الخليفة العربي عمر بن الخطاب وبقيادة عمرو بن العاص العام 641 م. وشهدت مصر خلال فترة الحكم العربي الإسلامي تقدما في مجالات العمران والفنون مثل العمارة والزخارف والنقوش الإسلامية الطراز كما تم بناء العديد من المساجد والقلاع والأسوار. و في العصر الفاطمي اعتبر الجامع الأزهر أشهر فنون العمارة في عهد الخلافة الفاطمية في مصر إضافة لعدة مظاهر أخرى وقد تم تسمية مدينة القاهرة بهذا الاسم في عهد الدولة الفاطمية حيث انهم ارادوا ان تكون هي عاصمة الخلافة الفاطمية التي تقهر الخلافة العباسية، كما بنيت في العصر الأيوبي قلعة صلاح الدين التي تعد أشهر قلاع مدينة القاهرة، إضافة إلى الثروة المعمارية التي ظهرت في العصر المملوكي.
العصر الحديث:-
محمد علي
يعتبر محمد علي مؤسس مصر الحديثة لما قام به من إصلاحات شملت جميع نواحي الحياة بما يتفق مع روح العصر الحديث وقتها، فبدأ ببناء جيش مصر القوى وأنشأ المدرسة الحربية، ونشأت صناعة السفن في بولاق والترسانة البحرية في الإسكندرية. وأصلح أحوال الزراعة والرى وأنشأ القناطر والسدود والترع، وأنشأ المصانع والمعامل لسد حاجة الجيش وبيع الفائض للأهالى، وفى مجال التجارة عمل محمد علي باشا على نشر الأمن لطرق التجارة الداخلية وقام بإنشاء أسطول للتجارة الخارجية حيث ازدهرت حركة التجارة في مصر.
ونشر التعليم لسد حاجة دواوين الحكومة فأنشأ المدارس على اختلاف مستوياتها وتخصصاتها وأرسل البعثات إلى أوروبا ونقل العلوم الحديثة.
وحاول أبناء محمد علي أن يسلكوا مسلكه في محاولة اللحاق بالحضارة الأوروبية، فقد شهدت البلاد في عهد الخديوى إسماعيل باشا نهضة تمثلت في الإصلاح الإداري كما شهدت الصناعة والزراعة نهضة وازدهاراً كبيراً في عهده واهتم بالبناء والعمارة، وأنشأ دار الأوبرا الخديوية، ومد خطوط السكك الحديدية، وفى العام 1869 افتتحت قناة السويس للملاحة الدولية في احتفال كبير.
وقد شهدت مصر عدة ثورات ضد التدخل الأجنبي حيث اشتدت الحركة الوطنية فكانت ثورة عرابى عام 1882 التي انتهت باحتلال بريطانيا لمصر  والتي أعلنت الحماية على مصر عام 1914 وانتهت تبعيتها الرسمية للدولة العثمانية.
تاريخ مصر الحديث:-
دخلت مصر إلى القرن العشرين وهي مثقلة بأعباء الاستعمار البريطانى بضغوطه لنهب ثرواتها، وتصاعدت المقاومة الشعبية والحركة الوطنية ضد الاحتلال بقيادة مصطفى كامل ومحمد فريد وظهر الشعور الوطني بقوة مع ثورة 1919 للمطالبة بالاستقلال وكان للزعيم الوطني سعد زغلول دور بارز فيها، ثم تم إلغاء الحماية البريطانية على مصر في عام 1922 والاعتراف باستقلالها وصدر أول دستور مصري عام 1923.
 محمد نجيب وجمال عبد الناصر
عهد الثورة: قاد البكباشى جمال عبد الناصر واللواء محمد نجيب وآخرون من الضباط المصريين ثورة 23 يوليو 1952. والتي قامت بالعديد من المهام من أهمها إصدار قانون الإصلاح الزراعي، ووضعت أول خطة خمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في تاريخ مصر عام 1960 ومحاولة تطوير الصناعة والإنتاج وتم إنشاء السد العالى 1960-1970 والذي يعد باختيار الأمم المتحدة أهم مشروع تنموى في العالم في القرن العشرين وقد خاضت مصر لأجل إتمام بنائه حربا طويلة ضد القوى العظمى التي كانت ترغب في كبح جماح مصر إبان حكم جمال عبد الناصر كما قامت بمساعدة البلاد في مجال التعليم والصحة والإنشاء والتعمير والزراعة. وفى مجال السياسة الخارجية عملت ثورة يوليو بقيادة جمال عبد الناصر على تشجيع حركات التحرير من الاستعمار كما اتخذت سياسة الحياد الإيجابي مبدآً أساسياً في سياساتها الخارجية وأصبحت مصر في تلك الفترة وباستحقاق عاصمة التحرر الوطني في العالم قامت كل من إسرائيل وفرنسا وإنجلترا بعمل هجوم منظم علي مصر فيما يسمي بالعدوان الثلاثي علي مصر وقد قام الجيش المصري والمقاومة الشعبية باعمال بطوليه لصد الفرنسيين والانجليز اما إسرائيل فأخذت سيناء بالكامل ولكن صدر قرارمن مجلس الامن آن ذاك برد جميع الأرض المحتله الي مصروعدم شرعية الهجوم علي مصر
قامت إسرائيل في 5 يونيو 1967 م بشن هجوم على مصر وسوريا والأردن واحتلت سيناء والجولان والضفة الغربية للأردن·
واستطاع جيش مصر برغم فداحة الخسارة أن يعبر هذه المحنة في صموده أمام القوات الإسرائيلية ودخوله حرب الاستنزاف، وفى ذلك الوقت توفى "جمال عبد الناصر" في سبتمبر 1970 وكانت جنازته من أكبر جنازات التاريخ.

حرب أكتوبر: تولى محمد أنور السادات الحكم بعد جمال عبد الناصر، عمل على تسوية مشاكل الدولة الداخلية وإعداد مصر لخوض حرب لتحرير سيناء. في 6 أكتوبر 1973 في تمام الثانية ظهراً، نفذت القوات المسلحة المصريةوالقوات المسلحة العربية السورية هجوماً على القوات الإسرائيلية في كل من شبه جزيرة سيناء والجولان. بدأت الحرب على الجبهة المصرية بالضربة الجوية التي شنتها القوات الجوية المصرية ضد القوات الإسرائيلية، وعبرت القوات المصرية إلى الضفة الشرقية ورفعت العلم المصري.

الرئيس أنور السادات دخل في تسوية النزاع العربي الإسرائيلي لإيجاد فرصة سلام دائم في منطقة الشرق الأوسط، فوافق على معاهدة السلام التي قدمتها إسرائيل (كامب ديفيد) في 26 مارس 1979 بمشاركة الولايات المتحدة بعد أن مهدت زيارة الرئيس السادات لإسرائيل في 1977، وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء تماما في 25 أبريل 1982 بانسحابها مع الاحتفاظ بشريط طابا الحدودي وإسترجعت الحكومة المصرية هذا الشريط فيما بعد، بناءا على التحكيم الذي تم في محكمة العدل الدولية فيما بعد·
أثار توقيع مصر لاتفاقية السلام وزيارة السادات لإسرائيل استياءا داخل مصر وخارجها. فيرى مؤيدو هذه الاتفاقية أنها أعادت سيناء لمصر، ومهدت لإحلال السلام في الشرق الأوسط. بينما يرى معارضوها أن آثار هذه الاتفاقية أن عزلت دولة عربية لها ثقل سياسي وعسكري هي مصر عن الصراع العربي الإسرائيلي، وعملت على تحجيم نطاق تحرك الجيش المصري في سيناء، كما أنها أضعفت من دور مصر الريادي في العالم العربي. في 2 نوفمبر 1978 عقد مؤتمر لجامعة الدول العربية، تقرر فيه نقل مقر جامعة الدول العربية من مصر، وعلقت عضوية مصر من عام 1979 إلى 1989، شاركت في هذه القمة عشرة دول عربية بالإضافة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وقد عارضت الإمارات العربية المتحدة الخطوات العربية ضد مصر.

إغتيـال السادات: بحلول خريف عام 1981 قامت الحكومة بحملة اعتقالات واسعة شملت المنظمات الإسلامية ومسئولي الكنيسة القبطية والكتاب والصحفيين ومفكرين يساريين وليبراليين ووصل عدد المعتقلين في السجون المصرية إلى 18000 معتقلاً وذلك على إثر حدوث بوادر فتن واضطرابات شعبية رافضة للصلح مع إسرائيل ولسياسات الدولة الاقتصادية.

وفي 6 أكتوبر 1981 (بعد 31 يوم من إعلان قرارات الاعتقال)، تم اغتيال السادات في عرض عسكري كان يقام بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر، وقام بقيادة عملية الاغتيال خالد الإسلامبولي التابع لمنظمة الجهاد الإسلامي التي كانت تعارض بشدة اتفاقية السلام مع إسرائيل ولم يرق لها حملة القمع المنظمة التي قامت بها الحكومة في شهر سبتمبر.و خلفه في الرئاسة نائب الرئيس محمد حسني مبارك.

الثلاثاء، 14 مايو 2013

عودة الوعي - توفيق الحكيم







بعد عشرين عاماً على ثورة يوليو يقدم لنا الأستاذ الحكيم كتابه هذا عن ثورة يوليو تحت عنوان عودة الوعى وكما يقولون يعرف الجواب من عنوانه ، فهو يكفى أن تصلك رسالة الكتاب عن شعب يوليو الذى كان مغيباً تحت مسميات عدة ما بين الإشتراكية و العدالة الإجتماعية و القومية و غيرها من المسميات التى تدغدغ مشاعر الجماهير .
يتحدث الحكيم ، ذلك الذى كان وقتها مديراً لدار الكتب المصرية ، عن يوم الأربعاء الثالث و العشرين من يوليو 1952 و عن ماعرف بحركة الضباط الأحرار وقتها و التى أجبرت فاروق على التنازل عن عرشه لولى عهده الطفل ذى الشهور الستة أحمد فؤاد الثانى وكيف كانت الناس متحمسة جداً لهذا العمل الرائع من الجيش المصرى وقتها الذى استطاع أن يقف فى وجه الملك ذلك الشخص المكروه من الجميع بأخلاقه القذره و جسده المترهل ، هكذا قال .
لكن الحكيم يضع بين ايدينا الكثير من الأسئلة الحائرة و المحيرة أيضاً عن هذه المجموعة من ضباط الجيش فهل كانوا يريدون التخلص من محمد نجيب حقاً أم ذلك كان رد فعل منهم بعدما نصحه بعض لواءات الجيش بضرورة التخلص من هؤلاء الشبان المهووسين ؟! وهل حقاً هم من عرقل الوحدة مع السودان حتى لا يستتب الأمر لنجيب الذى كان محبوباً من السودانيين لأن أمه سودانية الأصل ؟! وهل كانوا يريدون حكم مصر أم أن الظروف و التطاحن الحزبى الذى كان فى أوج درجات الحقارة و الإبتذال الأخلاقى هو الذى دفعهم إلى تجنيب الصراعات الحزبية حتى لا تؤثر على حركتهم الناشئة ؟! 
لقد كانت حركة حولها سليمان حافظ إلى ثورة تجب ما قبلها من دستور حتى لا يضطروا إجراء إنتخابات ستأتى حتماً بأغلبية وفدية لا يضمنوا ان تظل على عهد الولاء لهم، هكذا زين لهم سليمان حافظ سوء فعلتهم وخطيئتهم فى حق الدستور وفتها ، فما كان منهم إلا أن استجابوا لهذا الرأى وأصبح من حق التى كانت حركة مباركة أن تسمى نفسها ثورة وأن يكون لها مجلس قيادة ثورة و أن تصدر ما يحلوا لها من قوانين و مراسيم فى غرفها المغلقة دون أن يناقشها أحد ، ورغم أن بعض فقهاء الدستور رفضوا وصفها بالثورة إلا أن أصحاب الرأى الأول هم من لقوا الحظوة و التقرب عند حكام البلاد الجدد !
ويتساءل الحكيم أين كنا من كل هذا العبث بالدستور وبالديموقراطية ؟ لكنه يجيب على نفسه إجابة " مبررايتة " فيقول وهل كان الدستور يحترم قبل يوليو ؟! و هل كان إعتلاء الملك للعرش أصلاً دستوريأ ؟! فقد كانت الحياة الديموقراطية قد أُفسدت إفساداً جعل منها مطية للمنتفعين و المستوزرين فلا يبالون بدستور ولا يحترمون رأى الشعب وحتى مستشارى الملك الذين أقنعوه أنه فوق الدستور بل و وفوق الشعب نفسه ، كل هذا جعل الناس و كان أستاذنا الحكبم منهم يرون أن وطأة ضياع الدستور تهون كثيراً أمام الخلاص من مثل هذا الملك و مثل حاشيته و حتى الصراع الحزبى البغيض الذى ساد فى مصر وقتها ، إنها مبادئ بلا أشخاص يطبقونها فالمبادئ لابد من تجسيد حقيقى لها على أرض الواقع وإلا فلا يريكم الله مكروها فى مبدأ عزيز لديكم .
ويورد الحكيم حواراً كان بينه و بين السنهورى عن تحديد الملكية الزراعية فيقول السنهورى إن أمامهم إقتراحين بتحديد الملكية بـ500 فدان أو بـ 200 فدان ، فما كان من الحكيم إلا أن سارعه بالرد " مائتين ، مائتين ، إجعلوها مائتين " ويقول عن ذلك إن الناس كان من كثرة حنقها و تململها من التردد و الظلم الحادث قبل الثورة كانت متحسمة إلى درجة التطرف فى هذا الأمر ، لعل ذلك الأمر أيضاً جعل الناس تسير على غير وعى خلف هؤلاء الشبان من ضباط الجيش وما رأوه منهم من سرعة استجابة لمطالب الجماهير العريضة التى عانت كثيراً كثيراً قبل يوليو .
وحتى لا تفيق الحياة الحزبية يوماً فى مصر وتطالب بعودة الدستور فما كان من ضباط يوليو إلا أن قاموا بحل الأحزاب و أنشأوا محاكم الثورة للزعماء و قادة الأحزاب ، لكن المؤسف حقاً أن هؤلاء كانوا لا يتوانون فى التقرب من الحكام العسكريين وكأن لسان حال محكمة الثورة تقول للشعب هؤلاء هم زعمائكم وحكامكم قبل ثورتنا !!! الإ أن البعض منهم كان لديه من الشجاعة ما يكفى ليكف هذه المحكمة عن سخريتها من قامات المصريين وقتها و يجعلها فى حرج شديد إذ يحكى الحكيم عن موقف الأستاذ محمد حسين هيكل حينما سأله القاضى العسكرى لماذا لم تقف أمام فساد الملك وطغيانه ؟ فما كان منه إلا أن قال له بهدوء " إن فاروق كان يخيفنا بكم إنتم يا رجال جيشه ، ألم يكن فاروق هو القائد الأعلى للجيش ؟! " 
من مساوئ ثورة يوليو أيضاً كما يوردها أستاذنا الحكيم فى كتابه هذا ، أن الشعب فى معظمه تحول إلى مخبرين فيما عرف بـ " حركة التطهير " كل شخص يشى بزميله إلى السلطات الحاكمة حتى هو نفسه لم يسلم من الشكاية عن موقف اتخذه حسبه أحد الموظفين اهداراً للمال العام ، ويرى الحكيم أن هذا الأمر أدى إلى الفوضى فى الجهاز الإدارى للدولة حيث جعل كل رئيس يخشى من كل مرؤوس له حتى انعدمت روح تحمل المسؤولية لدى قطاع عريض من موظفى الدولة فكل شخص ينتظر تعلميات السيد ........ أبا كان هذا السيد لكن الأهم أن كل مسؤولية تلقى تبعياتها على الشخص الأعلى حتى لا يسأل هو عنها .
ورغم كل ما سبق لا يستنكف الحكيم أن يذكر حماسته المطلقة لهذه الحركة المباركة حتى و إن أصابه من رذاذها شيئاً فلقد كان الأمر قبلها يجعل المصريون يتحملون الكثير من أجل الخلاص من هذا الوضع القائم قبل يوليو ، كذلك فإن الثقة العمياء فى القائد وقتها الذى كان يتحدث إلى الجماهير بطريقة لم يعرفوها و لم يروا قبل ذلك حاكماً يحادثهم بهذا الشكل هى التى جعلت من المصريين مثقفيها قبل عوامها يثقون ثقة عمياء فى عبد الناصر إلى أن تحولت الثورة من ثورة الضباط الأحرار إلى "ناصر يا حرية " هكذا تحولت المبادئ إلى شخص و تحولت الدولة إلى فرد وأصبح يلهث وراء عاطفته . 
لكن الحكيم ،ذلك الذى أقال عبد الناصر وزير المعارف لأجله و منحه وسام الدولة الذى لا يمنح إلا للرؤساء و والأمراء عندما تعدى عليه بالقول أحد شباب الصحفيين ، رأى مع مرور الوقت أن المحبوب تحول إلى معبود و أصبح هذا المعبود معصوماً من الخطأ و الجماهير كلها تهتف " ناصر ناصر " وكأن على قلوب ومعها عقول أقفالها فلا رأى يخالف رأى الزعيم فلا يجرؤ أحد على ذلك البته وأصحبت العقول فى الحناجر و البلاغة فى الخطب محل الفعل على الأرض فلو لم تحن الظروف أوصلت عبد الناصر إلى سدة الحكم لكان أديباً مرهف الحس و العاطفة ، هكذا يرى أستاذنا الحكيم .
الغريب فى الأمر حقاً أن الكل كان يعرف تلك الأمور ولا أدرى هل كانوا غائبين عن الوعى إلى تلك الدرجة التى يقف فيها الإنسان أمام كل أمر منطقى فيرفضه و يأخذ طريقاً آخر ، لا أدرى أى سحر هذا سحرهم به عبد الناصر و جعل من كبار مثقفى مصر ومفكريها يرددون ما يقول و يتغاضون عن أخطائه ، حيث يذكر الحكيم أن صديقاً فرنسياً سأله لماذا لم يكتب كتاباً يدافع به عن عبدالناصر صديقه كما فعل "مورياك " مع ديجول ، فقال له إن عبد الناصر لم يهاجمه أحد حتى أدافع عنه ! ! صحيح أن الأمة المصرية عرفت قبل ذلك الزعيم المعبود على أيام سعد زغلول لكن كانت الناس تعارضه و تقف أمام بعض أرائه التى لا تروق لهم لكن هذا الأمر كان قد إختفى تماماً مع عبد الناصر ! ! ويعلق على ذلك بقوله " كنت فى ثورة 1952 و أنا فى كهولتى أفكر بقلبى و كنت فى ثورة 1919 و أنا فى شبابى أفكر بعقلى ، لا أدرى تفسيراً لذلك "
ثم يبدأ الحكيم فى سرد الأخطاء الفادحة التى وقع فيها عبد الناصر بداية من اتفاقية الجلاء و التى كانت تتحطم مفاوضاتها كل مرة قبل الثورة على صخرة انفصال السودان إلا أن عبد الناصر وافق على ذلك ثم بعد ذلك تأميم قناة السويس الذى كان يرى الحكيم أنها كانت ستعود إلى مصر خلال 10 سنوات دون الحاجة إلى مثل هذا العمل المتهور من وجهة نظره الذى أهاج الدنيا كلها على مصر ثم بعد ذلك مأساة اليمن الذى بذل فيها الكثير دون أن يعود ذلك على مصر بأى فائدة ، ثم تأتى بعد ذلك حرب 67 وهى التى أتت على ما تبقى من رصيد لعبد الناصر لدى كثيرين فى مصر فعبد الناصر كان دوماً يهوش بالحرب و يسعى للسلام فى حين أن إسرائيل كانت دوماً تهوش بالسلام و تسعى للحرب و الذى يهوش بالسلام ويسعى للحرب يكسب الحرب و الذى يهوش بالحرب و يسعى للسلام يخسر الحرب و السلام معاً .
لقد إنتهت ثورة يوليو يوم الخامس من يونيو 1967 بهزيمة الجيش المصرى و تدميره بالكامل ، فالثورات تنتهى و تموت حين تصل إلى الحكم فثورة 1919 انتهت بدستور 23 و ثورة 52 انتهت باعتلاء زعيمها الحكم وقادنا إلى 3 هزائم فى عشر سنوات يقولون إنها تكلفت ما يقرب من 4مليارات من الجنيهات ، لكن الفارق أن مصر بعد ثورة 1919 هى من صنعت مصر الشعب بفنها و ثقافتها بتعدد أطيافها و مفكريها وحريتهم وفكرها أيضاً فثورة مصر فكرياً بدأت مع إنتهاء ثورة 1919 سياسياً ، لكن مصر 1952 هى من صنعت الدولة فأصبح كل شئ فى يد واحدة تصيغه كما تشاء فلم يعارض مصر يوليو أحد أو بالأحرى لم يشأ أحد أن يعارض مصر يوليو فالكل كان يثق فى الزعيم المعصوم فإنتهت ثورة الفكر لصالح ثورة السياسة .
لكن للإنصاف أن ما صنعته ثورة يوليو لم يكن كله سيئاً فلقد أسهمت كثيراً كثيراً فى العدالة الإجتماعية و قوانين الإصلاح الزراعى و المنشأت الصناعية الكبرى و غيرها ما كان بالأساس مادياً كذلك فإنها كانت سريعة فى قراراتها فى بعض الأمور التى كانت تظل بالسنوات حتى يتخذ فيها قراراً .
ما حكم التاريخ على هذا الرجل الذى أختصر مصر التى عمرها أكثر من خسمة آلاف سنة إلى عمر يعد على أصابع اليد الواحدة هو عمر ثورة يوليو و كأن مصر لم تكن قبل يوليو ؟؟!! و ما حكم التاريخ على ثورة كانت " ثورة الغلابة " فى البداية ثم حولها إلى سلسلة متوالية من الإخفاقات بسبب سوء تقدير عن قصد جائز لكن الكارثة الافجع التى لا يعادلها أى مكسب لأى ثورة كما يرى الحكيم هى أن ...غاب الوعى عن المصريين . . . . . . . . .
                                                                                                                 منقول ....

السبت، 27 أبريل 2013

انتاج الغاز الحيوي من المخلفات العضوية


أ - مقدمـــــة  
الغاز الحيوي  هو الغاز الذي ينتج من تحلل المواد العضوية بعيدآ عن الهواء,
وينتج عن عملية التحلل غاز الميثان بشكل رئيسي اضافة الى غاز ثاني أوكسيد الكربون وغازات أخرى,
وتبين الصورة المرفق جانبآ البكتريا المسببة لعملية التحلل.


‌ب - مكونات الغاز الحيوي
يتكون الغاز الحيوي من تحلل المواد العضوية في بيئة لاهوائية وينتج عن هذه العملية الغازات التالية:
1 - غاز الميثان: و نسبته تتراوح بين 50 الى 60 بالماية.
2 - غاز ثاني أوكسيد الكربون: ونسبته تتراوح بين 45 الى 35 بالماية.
3 - غازات مختلفة: وتشمل أول أوكسيد الكربون, الهيدروجين, كبريتيد الهيدروجين...الخ.

ويعتبر غاز الميثان الناتج الأهم لأنه غاز قابل للإحتراق.

‌ج - مواصفات غاز الميثان

يمتاز غاز الميثان بأنه غاز قابل للاشتعال, ويعطي لهب ازرق بدون دخان, ولكن اذا امتزج بالهواء يصبح هذا المزيج قابلآ للانفجار وبالمناسبة فإن كل الحوادث التي تحدث في مناجم الفحم سببها غاز الميثان وهذا هو حال الغاز المنزلي أيضآ, ومن ناحية اخرى فان لغاز الميثان تأثير سئ على ظاهرة الاحتباس الحراري حيث ان تأثيره يعادل 24 ضعف تاثير غاز ثاني أوكسيد الكربون, ومن ناحية السمية فغاز الميثان غير سام.

‌د - المواد الأولية المطلوبة لانتاج الغاز الحيوي
كما سبق وذكرنا ينتج الغاز الحيوي من تحلل المواد العضوية في بيئة لاهوائية وتشمل المواد العضوية سواءآ كانت مواد طازجة أو عبارة عن نفايات وتشمل ما يلي:
1 - الفواكه والخضروات.
2 - فضلات الطعام.
3 - روث الدواجن والمواشى.
4 - أوراق الشجر والمواد الناتجة عن عملية التعشيب.
5 - الورق غير المطبوع.
6 - ورق التواليت المستعمل أو المحارم الصحية, ورق الكرتون (بنسب قليلة).
7 - بالنسبة للسوائل يمكن إستخدام مياه المراحيض.

ويجب عدم خلط الفضلات الناتجة عن المواد المذكورة أدناه مع فضلات المواد المذكورة في القائمة السابقة:
1 - الزيوت والشحوم.
2 - اللحم والعظام.
3 - منتجات الألبان.
4 - الأسماك ومنتجاتها.
5 - أخشاب الأشجار والتبن.
إن السبب في عدم استخدام المواد الأربعة الأولى يعود الى أن تحللها ينتج غاز كبريتيد الهيدروجين والذي يعرف بغاز البيض الفاسد وهو غاز ذو رائحة نفاذة, يضاف الى ذلك تأثيره على عملية تحلل المواد العضوية حيث زيادة كمية الغاز قد تؤدي الى توقف عملية التحل. أما بالنسبة للأخشاب فهي غير قابلة للهضم من قبل البكتيريا المسببة للتحلل.

هـ - مصادر المواد الأولية المطلوبة لانتاج الغاز الحيوي
* المصدر الأول : من النفايات المنزلية 
إن المواد الأولية المطلوبة لانتاج الغاز الحيوي متوفرة في النفايات المنزلية حيث تشكل النفايات العضوية ما نسبته 50٪ على الأقل من وزن النفايات المنزلية, ومن المعروف أن معظم المدن تنتج كميات كبيرة جدآ من النفايات المنزلية غالبآ ما تردم في مطامر أو مدافن النفايات دون الاستفادة منها.

* المصدر الثاني : المباقر والمداجن 
ينتج عن عمل المداجن و المباقر كميات كبيرة من الروث الذي يمكن الاستفادة منه في توليد جزء من الطاقة اللازمة لهذه المداجن أو المباقر.

* المصدر الثالث : مصانع الأغذية ومصانع توضيب الخضار والفواكه وأسواق الخضار والفواكه.

* المصدر الرابع : الأراضى الزراعية التي يمتلكها الفلاحون  
يتوفر لدى الفلاحين كميات لا باس بها من فضلات المزروعات والتي تتمثل في الفواكه أو الخضروات التالفة أو المصابة أو المشوهة وبكميات كبيرة, وهذه الكميات كافية لأن توفر له الطاقة اللازمة لاستخدامات الفلاح المنزلية.

ويمكن للفلاح إستخدام نفايات المواد التالية لإنتاج الغاز الحيوي :
الخضروات والفواكه.
أوراق الشجر.
الروث الناتج عن تربية الماشية أو المداجن.

* المصدر الخامس : المزارع الخاصة, المجمعات السياحية والمطاعم خارج المدن.

و- إستخدامات الغاز الحيوي :
يستخدم الغاز الحيوي بشكل رئيسي في المجالات التالية
1 - الطبخ: يقدر استهلاك الفرد من الغاز الطبيعي ب 0.5 متر مكعب / يوميآ.
2 - الانارة : يمكن أن يستخدم أجهزة الاضاءة بالكيروسين المعروفة باللوكس للإضاء.
3 - توليد الكهرباء بواسطة المولدات صغيرة الحجم : يمكن تشغيل المحركات المخصصة لتوليد الكهرباء والمستخدمة على المستوى الفردي والتي تستخدم البنزين بعد استبدال الحاقن (الكربوراتور بآخر مخصص للوقود الغازي). ولكن نظرآ لأن عملية التوليد تستهلك كميات من الغاز الحيوي لذلك يفضل استخدام منظمتين واحدة تعمل بالغاز الحيوي والأخري بالوقود التقليدي (ديزل أو بنزين).

ز - المواد المتبقية من عملية التحلل : 
بعد إنتهاء تحلل المخلفات العضوية تخرج المواد الصلبة التي انتهى تخللها من مخرج الفائض على شكل مياه سوداء, وسواد المياه ناتج عن بقايا تحلل المخلفات العضوية بالهاضم, وإذا قمنا بتجفيف هذا السائل سوف يتبقى لدينا سماد عضوي أسود اللون ذو قيمة عالية, ويمتاز هذا السماد بتوازنه الطبيعي كما أنه قادر على تثبيت النيتروجين في التربة, ويمكن تخصيب التربة فيه إما مباشرة من خلال رش السائل الخارج من مخرج الفائض أو بعد تجفيفه ورشه البودرة الجافة المتبقية. وقد بينت الدراسات أن إنتاجية المحاصيل تزداد بنسبة من 30 الى 50 بالماية.


هناك فائدة أخرى للسائل الأسود الذي يفيض من الهاضم ألا وهو إستخدامه كخميرة عن تعبأة الهاضم لأول مرة, حيث أن إضافة هذا السائل وما يحويه من بكتيريا يسرع في بدء عملية الهضم.
ح - حساب كمية الغاز الناتج عن تحلل النفايات العضوية وكمية الطاقة المنتجة

إن 1 طن من الفضلات العضوية يعطي تقريبآ من 100 الى 400 متر مكعب من غاز الميثان ويعتمد ذلك على:
1 - كفاءة الهاضم المستخدم.
2 - درجة الحرارة المرافقة لعملية التحلل, إن درجة الحرارة المثلى تتراوح من 32 الى 37 درجة, وبالتالي اذا هبطت درجة الحرارة عن 15 فان عملية التحلل سوف تتوقف.
3 - توافر الرطوبة المناسبة فالبيئة الصحراوية لا تساعد على عملية التحلل ولذلك يجب ترطيب النفايات حتى نسمح لعملية التحلل بالاستمرار.
4 - كما تأثر نعومة هذه الفضلات على سرعة التحلل, فمثلآ النفايات المطحونة تعطى غاز بسرعة أكبر من النفايات الغير مطحونة.

الطاقة الناتجة عن الميثان الحيوي :
تقاس الطاقة الناتجة عن الميثان الحيوي بالكيلوكالوري/متر مكعب من الغاز, ويعطي غاز الميثان الصافي طاقة تعادل 9000 كيلوكالوري/متر مكعب في درجة حرارة 15 وضغط جوي واحد, أما الغاز الحيوي فيعطي طاقة تتراوح بين 4000 الى 7000 كيلوكالوري/مترمكعب وللمقارنة فان 1.33 الى 1.87 متر مكعب من الغاز الحيوي يعادل ليتر من الغازولين, كما أن 1.5 الى 2.1 مترمكعب من الغاز الحيوي يعادل ليتر من الديزل.

وللتسهيل نقدم المعطيات التالية :
* ان 1 متر مكعب من الغاز الحيوي يمكن أن يولد طاقة كهربائية ومن خلال مولد طاقة كهربائية صغير ومتنقل تساوي 1.8 كيلوات/ساعة, وهذا يعني تشغيل 18 لمبة استطاعة كل واحد منها 100 وات لمدة ساعة.
* اذا اردنا استخدام هذه الطاقة في استخراج المياه فيمكننا باستخدام الغاز الحيوي رفع 48 متر مكعب من الماء وذلك باستخدام مضخة غاطسة بقوة 1.5 حصان واستطاعة 1.1 كيلووات وذلك عند تشغيلها مدة 4 ساعات يوميآ .

ط - نماذج من أجهزة إنتاج الغاز الحيوي مصنعة بطرق يدوية
هناك العديد من التصماميم الخاصة بأجهزة إنتاج الغاز الحيوي وبكافة الأحجام, ولكن وبشكل عام يمكن تصنيعها يدويآ وهى غير معقدة وغير مكلفة.
الجهاز المبين أدناه يمكن تصنيعه بسهولة  وذلك من خلال استخدام البرميل المعدني المستخدم في تخزين الزيوت المعدنية ويبلغ حجم هذا البرميل 159 ليتر, ويمكن أن نضيف للتصميم المبين أدناه فتحة سفلية تكون قرب القاعدة مزودة بسدة معدنية مع مطاط مانع لتسرب السوائل وذلك لإستخدامه في تفريغ البرميل بعد إنتهاء عملية التحلل.