
لم يسبق لي ان قرأت للكاتب ابراهيم أصلان.....و هذا قصور مني بالتأكيد...فهو علم من أعلام الأدب...و الحق يقال اني لم اكن حريصا تمام الحرص على القراءة له.....وقع في يدي مصادفة هذا الكتاب فقررت ان اقرأه.....فكان العشقعشقت كتابات هذا الرجل و قررت ان ابحث عن مؤلفاته و كتاباته و ان اتعقبه اينما كتب!!!(حجرتان و صالة) لا يمكن ان تصنفها رواية....و لا ايضا يمكن ان تصنف بالقصة القصيرة...انما هي كما وصفها مؤلفها ابراهيم اصلان هي (متتالية منزلية)!!!نوع جديد من الكتابات -لم يسبق لي ان قرأت هذا النوع من الكتابات- مواقف حياتية يومية منفصلة متصلة و ان كان بطلها واحد....(الأستاذ خليل) الموظف السابق المسن الذي يعيش بمفرده هو و زوجته (احسان) بمنزلهما ال (حجرتين و صالة) بعد زواج الولدين سليمان و اشرف .مواقف تحدث بين زوجين يعانيان من الوحدة و الفراغ ربما سترى فيهما والدك ووالدتك من خلال حواراتهما الطريفة و طريقة تحاورهما و مناقشاتهما بعد كل هذا العمر.ستتقلب مشاعرك و انت تقرأ هذه المتتالية المنزلية الرائعة بين الإبتسامة و الضحك لحد القهقهة الى ان تصل للشعور بالتعاسة و الرغبة في البكاء المرير بعد ان يفقد الأستاذ (خليل) رفيقة حياته و عمره (إحسان) ليعيش وحيدا في شقته ال (حجرتين و صالة) .....ستجد نفسك ترثي لحاله و هو ينسى براد الشاي على النار يغلي حتى يشم الجيران رائحة الدخان فيسارعوا لإنقاذه.....ستفاجأ انك اصبت بالنكد حزنا على شيخوخته و هو في منزله بمفرده يجتر الذكريات و الأحزان.ينتقل بطل هذه المتتالية المنزلية (الأستاذ خليل) لكي يعيش في شقة أخرى...شقته القديمة التي شهدت سنوات زواجه الأولى و هي للمصادفة ايضا مكونة من (حجرتين و صالة) لتظهر شخصيات جديدة اصدقائه القدامى و قد اصابهم العجز و الشيخوخة و جيرانه و حكايات غاية في التراجيديا عن بيوت كانت مليئة بالحب و الضحك و الذكريات الجميلة لينتهي بها الحال مليئة بالوحشة و الكأبة بعد ان فقد الحبيب حبيبه و الزوج زوجته.يبرع الكاتب في وصف كيف يمكن للفراغ و الوحدة ان تفعل برجل مسن كبطل الرواية و تجعله يتوهم اشياء لا اساس لها تصنع حالة من الطرافة و لكنها (طرافة مؤلمة)....كأن يتوهم مثلا ان احدى ساقيه أكثر طولا من الأخرى!!!و هو اعتقاد بالتأكيد لا اساس له من الصحة و لكن صنعته حالة الفراغ و الوحدة التي يعيش فيها البطل في شقته ال (حجرتين و صالة) بمفرده.في ثنايا هذه المتتالية المنزلية تلمح ما حدث من تغير لسلوكيات المجتمع المصري لنفسيات ابنائه.....لسلوكيات العائدين من بلاد النفط الوهابي (كأحد جيران بطل الرواية و زوجته)....لسلوكيات بعض الشخصيات الهامشية كبواب العمارة مثلا.حقا هو كتاب ممتع....نوع جديد من الكتابات (على الأقل بالنسبة لي) الا ان به من الإمتاع ما تتمنى ان تقرأ الكثير على شاكلة هذه المتتالية المنزلية الرائعةشكرا للكاتب الكبير الأستاذ/ابراهيم اصلان